بريكس وإلغاء الدولار

تستمر التوترات بين الولايات المتحدة والصين منذ سنوات في مجالات متعددة؛ وأهمها الاقتصاد وتحقيق السيطرة الإقليمية. في مجال الاقتصادي، أكبر اقتصادين في العالم الولايات المتحدة الأمريكية والصين وهما وهما تسعيان للوصول إلى موارد اقتصادية واسعة وفرص استثمارية جديدة حول العالم، وهذا الوضع يؤدي إلى تضارب المصالح الاقتصادية بين البلدين. فأما في مجال تحقيق السيطرة الإقليمية فالصين لكونها قوة متصاعدة ولمحاولتها تشكيل أوروبا وآسيا من خلال مشروع الحزام والطريق ومشاريع متنوعة أخرى يتسبب في سباق نحو السيادة على المستوى العالمي.

يمر العالم بفترة من التنافس المتزايد بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية حيث تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى تعزيز سيادتها على المستوى العالمي من خلال رفع أسعار الفائدة والحروب الساخنة، في حين تسعى الصين مع دول البريكس إلى أن تكوين عملة مشتركة جديدة بديلاً للدولار بهدف تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي.

يتشظّى العالم نتيجة المنافسة بين الولايات المتحدة والصين والمزيد من الدول، من البرازيل إلى دول جنوب شرق آسيا، يطلبون بإجراء التجارة بعملات محلية بدلا عن الدولار الأمريكي ويبحثون عن طرق بديلة لتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي وهيمنة أمريكا. إذاً ما هي مجموعة بريكس وما أهميتها؟ ماذا يعني تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي؟ ماذا تفعل الدول لتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي؟ هل يمكن استبدال الدولار الأمريكي بعملة اخرة في الحقيقة؟

ما هي مجموعة بريكس وما أهميتها؟

مجموعة بريكس هي كتلة اقتصاد تتألف من خمس دول هي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. تأسست المجموعة عام 2006 بغرض تعزيز التعاون الاقتصادي والمالي بين الدول الأعضاء. تهدف مجموعة بريكس إلى تعزيز التجارة والاستثمار بين الدول الأعضاء، وتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والمالية والتقنية. كما تسعى المجموعة لتحقيق التوازن في النظام المالي العالمي.

من الواضح ان مجموعة بريكس تحمل أهمية عظيمة للغاية حيث تشكل دول بريكس أكثر من 40 في المئة من سكان العالم وحوالي ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي وفي الأشهر الأخيرة بدأت مجموعة بريكس تعتبر نفسها كبديل لمجموعة الدول السبع الكبرى. علاوة على ذلك من الضروري أن نؤكد لتوضيح أهمية هذه مجموعة ان 19 دولة، بما في ذلك المملكة العربية السعودية و الإمارات العربية المتحدة و إيران و الأرجنتين و المكسيك والجزائر، أبدت رغبتها في الانضمام إلى مجموعة بريكس.

 ماذا يعني تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي؟

تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي يعني الحد من الاعتماد على استخدام الدولار الأمريكي كعملة رئيسية في عمليات التجارة والمعاملات المالية الدولي؛ يتضمن ذلك السعي لاستخدام عملات أخرى كبديل للدولار في التجارة الدولية والاستثمارات جديدة. اما الأسباب من وراء عمليات تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي تتفاوت من دولة لأخرة؛ لكن الأسباب الرئيسية هي: أولاً المخاطر الجيوسياسية وثانياً ديناميات اقتصادية وثالثاً السياسة النقدية مليئة بالأخطاء وأخيراً وليس آخراً استخدام العملة كأداة الضغط السياسي والاقتصادي. 

ماذا تفعل الدول لتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي؟

تسببت المخاطر الجيوسياسية والديناميات الاقتصادية في تسارع الابتعاد عن الدولار الأمريكي وفتحتت أبواب التغيير الجذري على المستوى العالمي. فماذا تفعل الدول لتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي؟ ازدادت عدد الدول التي دعت الى إجراء التجارة باستخدام عملات أخرى غير الدولار الأمريكي. وصرح نائب رئيس دوما الروسية بأن كتلة بريكس تعمل على تطوير “عملة جديدة” ستعرض في قمة المنظمة القادمة. وتوصلت الصين والبرازيل إلى اتفاق لإجراء التجارة بعملتي بعضهما البعض. وبدأت الهند وماليزيا باستخدام الروبية الهندية في بعض التجارات. وأجرت الصين أيضًا تجارة الغاز الطبيعي مع فرنسا لأغراض تجريبية وتم دفعها باليوان. والبنوك المركزية بدأت في شراء الذهب بأعلى وتيرة منذ عام 1967 لتقليل حصة الدولار في احتياطاتها.

خلاصة

في ظل التوتر بين الولايات المتحدة الامريكية والصين واستخدام الدولار كسلاح وفرض الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على الدول الأخرى يسبب التقليل من الاعتماد على الدولار، تعمل مجموعة بريكس على تنفيذ عملية لتقليل الاعتماد على الدولار وهذه العملية تجري الآن على قدم وساق. والسؤال هنا هل من الممكن تحقيق التخلص من الدولار الأمريكي في الحقيقة؟ مجموعة بريكس تواجه العديد من التحديات التي يجب أن تتغلب عليها لتمكين إنهاء الاعتماد على الدولار الأمريكي وهي: ضرورة التوافق الداخلي على نظام نقدي مشترك رغم الاقتصاديات المختلفة، ضرورة أن تكون مجموعة بريكس مقتدرة على الاكتفاء ذاتيًا أي توفير الخدمة أو السلع الذي يحتاجها أحد الأعضاء من عضو اخر، وضرورة تواجد الدول الأعضاء في بريكس في مناطق مختلفة جغرافيا لتوفير الموارد الاقتصادية المتنوعة

تقليل حصة الدولار في اتفاقات التجارة الدولية، وتزايد عدد الدول التي توقع اتفاقيات تجارية بعملاتها المحلية، وإمكانية إنشاء عملة مشتركة محتملة من قبل مجموعة بريكس تشير الى زيادة المنافسة وتقديم مزيد من البدائل. الخلاصة، من غير الواقعي أن نعتقد أن هيمنة الدولار ستنتهي فجأة بسهولة في ليلة وضحاها ولكن يبدو أن تضعيف قوة الدولار على المدى الطويل أمرًا ممكنًا.

جميع الحقوق محفوظة © 2023 الإعتدال

Solverwp- WordPress Theme and Plugin

Scroll to Top